لقد أثار إرسال القوات العسکریة السعودیة إلی البحرین و التدخل السعودی السافر فی التحولات الأخیرة تحفظ الجمیع و تعجبهم أثناء الأحداث القائمة فی الشرق الأوسط. هذا التحرک السعودی یأتی بعد أن هدد الملک عبد الله البحرین سابقاً بأنه سوف یرسل القوات العسکریة إلی هذا البلد إذا لم یتم ضبط الأوضاع من قبل آل خلیفة. الخبر و فی حوار لها مع محمد فرازمند سفیر ایران الأسبق فی البحرین بحثت معه آخر التحولات فی البحرین و سفر غیتس إلیها و کذلک إرسال القوات العسکریة من قبل السعودیة.
لقد أسفرت زیارة وزیر الدفاع الأمریکی إلی البحرین عن تغییرات واضحة فی مواقف الحکومة البحرینیة تجاه مطالبات المعترضین. ما الأهداف الحقیقیة من وارء هذه الزیارة ؟
و کما تعلمون فإن البحرین هی مقر لقیادة الأسطول الأمریکی الخامس، و روبرت غیتس من المسؤولین الذین یسافرون أکثر من مرة إلی البحرین کل عام. و یبدو أن قسماً من السیاسات الأمریکیة فی البحرین تتابع من قبل غیتس، فی الحقیقة غیتس هو عرّاب العلاقة بین الحکومة الأمریکیة و البحرین. من جهة أخری فقد وصلت الثورة الشعبیة فی هذا البلد إلی ذروتها والأمریکان بدورهم یطالبون النظام البحرینی بإجراء المفاوضات مع المعارضة و القیام بالإصلاحات و نتیجة لذلک لا یمکن لزیارته هذه أن لا یکون لها علاقة بالأوضاع الفعلیة فی هذه الجزیرة الصغیرة فی الخلیج الفارسی.
کما یمکن القول أن دخول القوات السعودیة والإماراتیة للبحرین هو نتیجة حتمیة لهذا السفر. إن نظرة واحدة لتصریحات غیتس و مواقفه و کذلک مواقف ولی العهد البحرینی بعد مباحثاته مع وزیر الدفاع الأمریکی تکفی للإشارة إلی نقطتین:
الأولی أن غیتس أعلن أن النظام البحرینی علیه أن یشرع بالإصلاحات سریعاً للحد من تدخل إیران فی البحرین و منعهامن ذلک. و الثانیة هی تصریحه بأن أحد أهداف هذه الزیارة هو طمأنة العاهل البحرینی.
إلی ماذا یلمح غیتس من خلال هذه التصریحات بما أن ایران لا تتدخل بتاتاً فی التحولات البحرینیة؟
یمکن استنتاج ثلاث نقاط من هذ التصریحات: الأولی أن الأمریکیین لا یریدون إقصاء آل خلیفة عن الحکم و سوف یسعون للقیام بالإصلاحات ضمن أطر النظام الفعلی بالإضافة إلی ضبط الاعتراضات. و الثانیة أن الأمریکیین یستخدمون دائما عصا التخویف من إیران لإجبار النظام البحرینی علی القیام بالإصلاحات. لکن غیتس لم یستطع فی تصریحاته الأخیرة أن یأتی بدلیل واحد یشیر إلی تدخل إیران فی أوضاع البحرین.
و النقطة الثالثة أن الشیخ سلمان بن حمد آل خلیفة ولی عهد البحرین و الذی تولی زمام المفاوضات مع المعارضة بأمر من والده أعرب عن مواقف له بعد اجتماعه بغیتس تتضمن القبول ببعض مطالبات الشعب البحرینی، وقد أشار إلی أن المفاوضات مع المعارضة اشتملت علی التأسیس لحکومة منتخبة و دراسة ملفات الفساد و إعطاء الجنسیة لغیر البحرینیین.
هل هذا یعنی موافقة الحکومة علی مطالبات الشعب؟
عندما یتحدث الشیخ سلمان عن الحکومة المنتخبة فهذا یعنی أنه و الشیخ حمد حاکم البحرین قد وافقا علی إقالة رئیس الوزراء وحکومته. کما أنه و لأول مرة تجری الموافقة من قبل مسؤول کبیر بحرینی علی فتح ملف إعطاء الجنسیات لأفراد غیر بحرینیین بهدف تغییر النسیج السکانی فی البحرین. و قد صرح ولی العهد البحرینی بأنه بعد المفاوضات مع المعارضة و الاتفاق علی الإصلاحات المتوخاة سیجری وضعها للاستفتاء الشعبی.
هل وافقت المعارضة ورقة ولی العهد؟
لقد تضمنت ورقة ولی العهد القبول بالشروط المسبقة للقیام بالمباحثات. بمعنی أن النظام قد قبل بتنحی رئیس الوزراء لکن الشیخ علی سلمان الأمین العام لجمعیة الوفاق السیاسیة و التی تعتبر العمود الفقری للمعارضة؛ أعلن فی معرض تصریحه حول ورقة ولی العهد أن الإصلاحات و الدستور الجدید فی البحرین ینبغی أن یدون من قبل المجلس التأسیسی وذلک بعد إجراء انتابات عادلة ونزیهة. لأن المعارضة لیس لدیها ذکریات جیدة عن الاستفتاءات السابقة. ففی الاستفتاء الذی جری عام 2001 للقیام بالإصلاحات بدعوة من الملک آنذاک لم یُنظر إلی جمیع ما جاء فی البیان عند تدوین الدستور من قبل الحکومة. و استمرت الحکومة المعینة و غیر المنتخبة بأعمالها بدل التأسیس للملکیة الدستوریة.
کما تم تعیین أعضاء للمجلس جمیعهم ینتسبون للملک، و کذلک جری فبرکة الدوائر الانتخابیة بحیث لا یستطیع الشیعة تسنم مناصب فیها مع ما لهم الحق فی ذلک نظراً لما یشکلونه من نسبة سکانیة فی البحرین.
یوم الإثنین قامت السعودیة بإرسال قوات عسکریة، و أعلنت أنها سوف ترسل عشرة آلاف عنصر أمنی فی حال لم یتم قمع هذه الاعتراضات، والسؤال هنا هل إرسال هذه القوات سوف یمکن من قمع الثورة فی حین أن أوضاع السعودیة غیر مستقرة أیضاً؟
إن دخول هذه القوات یعبر عن حدث خطیر سیفضی إلی تعقید الأوضاع و زیادة العنف، کما أنه یضع إشارة استفهام أمام شرعیة النظام الحاکم فی البحرین و یصعّب المفاوضات بین النظام و أطراف المعارضة. فقد وصف المعارضون هذا التحرک بأنه هجوم عسکری و احتلال و طالبوا بتدخل الأمم المتحدة. و العجیب أن أمریکا التی کانت قبل یوم تحث الحکومة البحرینیة علی إجراء الإصلاحات؛ أعلنت أنها کانت علی علم بمجریات دخول القوات السعودیة إلی البحرین و أنها لا تعتبره هجوماً و لا احتلالاٌ.
بالطبع سوف یندم کل من الأمریکیین و السعودیین علی هذا التصرف الأرعن، و بالتالی علیهم أن یجیبوا عن هذا السؤال بأنه ما الفرق بین القذافی الذی یهاجم الشعب بقواته العسکریة و بین الحکومة التی تستدعی قوات عسکریة من بلاد أخری لقمع شعبها؟
إن الاستناد علی المیثاق الدفاعی لمجلس التعاون الخلیجی لا یستطیع أن یبرر هذا الأمر، لأن هذا المیثاق لا یجری مفعوله إلا إذا تعرض أحد أعضائه لهجوم خارجی.
فی حال انتصر الشیعة فی البحرین هل ثمة احتمالات لمشاهدة وضعاً مماثلاً فی السعودیة؟
أولاً لا ینبغی حد ثورة الشعب البحرینی فی إطار المطالبات الطائفیة والمذهبیة. فإلی جانب الشیعة هناک قسم من أهل السنة أیضاً یطالبون بالقیام بإصلاحات فی هذا البلد. حتی الشیعة أنفسهم ینأون عن تسمیة ثورتهم بأنها شیعیة و حسب.
الشیعة یشکلون جزءاً کبیراً من المجتمع البحرینی و قد حرموا بطبیعة الحال من حقوقهم المدنیة علی مدی 40 عاماً و الآن باتوا یطالبون برفع الحرمان عنهم کمواطنین بحرانیین و لیسوا بما هم شیعة. و السعودیة أیضا تعانی من مشاکلها الداخلیة الخاصة. لیس الشیعة فقط ممن یعترض علی الوضع الفعلی فی السعودیة. بل إن الشرخ البائن بین النظام الحاکم و الشعب فی السعودیة لا یمکن تأطیره فی المنطقة الشرقیة و المواطنین الشیعة فقط.
ما هی رؤیتکم لمستقبل البحرین؟
یبدو أن ثمة أطراف أخری فی المنطقة تسعی کی لا یتم الإصلاح والتغییر فی البحرین بشکل سلمی، کما أن البحرین تستند بشکل و بآخر علی کل من السعودیة و أمریکا الحلیفتین اللتین تتدخلان فی البحرین بأسلوبهما الخاص. إن دخول القوات السعودیة إلی البحرین سوف یقذف بأمواج الثورات العربیة بسرعة أکبر حتی تصل إلی شطآن آل سعود.